هل نحن نبالغ عندما نصف القضية الحسينية وعاشوراء بأنها من أضخم الموروثات التاريخية؟ هل نحن نتعاطف مع ذلك باعتبار جانب الولاء لدينا؟ أو أنها حقيقةً وتعتبر من أشهر الملاحم عبر التاريخ وجميع العصور!!
ابتدأ الفنان محمد الخراري بهذا التساؤل في محاضرة بعنوان “بلاغة جرح” والتي قدمها في حسينية الرسول الأعظم بالخويلدية في يوم الخميس الموافق 14 ديسمبر 2017 والتي جاءت على شرف تكريم الفائزين في مسابقة أصداء عاشوراء بالتعاون مع موكب أهل البيت (ع) بالخويلدية
تحدث الفنان محمد الخراري عن مسيرة الفن الحسيني حيث بدأت منذ حادثة عاشوراء ومسيرة السبايا التي تكونت على شكل صورة ذهنية لدى الأدباء وحتى عامة الناس ، وذلك بتصور هذه الحادثة منذ اليوم الأول بعد حادثة عاشوراء. ليتحول بعد ذلك إلى رسم على شكل لوحات تشكيلية والتي اقتصرت على سرد التاريخ فقط في القضية الحسينية، وكان ذلك مع تطور وازدهار الحضارة الشيعية في عهد الدولة القاجارية والصفوية.
وذكر الخراري أن اللوحات الفنية التي تضمنت المراسم الحسينية واستخدمت لتزيين الحسينيات أو “التكايات” كما يسموها في “إيران”، كانت ترصد الجانب التاريخي للقضية بتفاصيلها من الخيم ومقتل الإمام الحسين (ع) ومصرعه. فقد كان الفنان بمثابة الراوي إلى القصة كما يقوم بها الخطباء والمداحين والراثين.
وفي حديثه عن مراحل انتشار الصورة الحسينية حول العالم قال : إن من وصلته القضية الحسينية ومن لم تصله أخذ يتعامل معها بعين ناقدة وذائقة، وأن الجميع يستطيع أن يتذوق هذه الصور التي تعبر عن الطقوس الدينية باعتبار أنها صورة فنية بحتة. منوهاً بأن تذوق الصورة لا يعني بالضرورة الإيمان بما تحتويه.
وأشار إلى أعمال الفنان الإيراني حسن روح الأمين التي كانت تحاكي عصر النهضة في اهتمامه بجانب الضوء والظل وكثافة الألوان وتناسقها، وكيف وصلت إلى ذائقة الناس حول العالم وبدأوا بالتعرف على القضية الحسينية ومعانيها من خلال هذه اللوحات الفنية. كما أكّد أنه يجب على المصور الفوتوغرافي أن ينتقي الصور الناجحة في إظهار الشعيرة الحسينية وفي ذات الوقت إظهار الجانب الفني فيها وأن يكون لديه استشعار إلى جمال الضوء والرؤية والفكرة في تعامله مع الصور الفوتوغرافية . وتطرق الفنان الخراري في حديثه حول الأعمال الفنية المهتمة بالقضية الحسينية في تسعينيات القرن الماضي أنها كانت نادرة، وكان اهتمام المصورين في التقاط صوراً للتوثيق فقط ولم يكن بها اهتمام بالجانب الفني كما في الزمن الحاضر، فأصبح المصور الآن يتوجه بكل ما لديه من مخزون ثقافي ومعرفي وفني لإنتاج صورة حسينية مشرّفة. كما نوّه بضرورة تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالإمام الحسين (ع) من قبل المصورين الذين نرى البعض منهم يضع اهتمامه في عمل صورة حسينية تمثل حياة الناس والشارع والطبيعة الصامتة والبورتريه، مشيراً إلى أن تنوع هذه المحاور يدل على الوعي الذي وصل إليه مصوري المنطقة في فترة زمنية قياسية.
أوصى الفنان الخراري بحفظ الجهود والطاقات الفنية في إنتاج الصور الحسينية من التعرض إلى الشتات، على أن يتم فرز أجود أعمال المصورين والفنانين وأرشفتها على شكل مكتبة في موقع إلكتروني أو كتاب مطبوع، حتى تجمع نتاج أعمال هذه السنوات الطويلة بشكل موثّق وفي مكان يسهل الوصول إليه. كما تطرق في حديثه عن توثيق الجهود الفنية لعدة أعمال منها: كتاب رائحة الجنة للفنان نسيم العبد الجبار، كتاب طريق الجنة للفنانين محمد الشبيب، محمد الصواف، أمين العلي، محمد المؤمن، والذي تم إقامته في معرض في مختلف الدول كان أحدها الهند كما تمت ترجمة الكتاب إلى اللغة الهندية، بالإضافة إلى كتاب “وطن” للفنان يوسف المهنا.
وضمن التوصيات التي ذكرها هي تنويع مصادر الثقافة للفنان، فإذا كانت مصادر ثقافته محدودة وغير متنوعة سيعمل على تكرار نفسه دون أي تجديد، مشيراً إلى أن من أحد تلك المصادر المفيدة في تغذية فكر الفنان هي المحاضرات الدينية، الكتب، تجارب وأعمال فنانين آخرين.
وفي ختام المحاضرة تم فتح المجال للمداخلات والأسئلة من الحضور .
كما تم تكريم الفائزين والمحكمين في المسابقة الحسينية “أصداء عاشوراء” والتي تضمنت أربعة محاور حيث فازت الفنانة هاجر عبد المحسن آل إعدام في محور “الشعائر الحسينية” أما في محور “الخدمة الحسينية” فاز الفنان فتحي علي آل درويش، وفي محور “عاشوراء الخويلدية” فاز الفنان سراج بشير آل قريش، فيما فاز الفنان أمين آل سماح في محور “التصوير بالجوال .
تقرير وتصوير : سراج آل قريش